accessibility

المملكة الاردنية الهاشمية

وزارة التربية والتعليم

إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة

تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
تجاوز إلى القائمة الرئيسية
تغيير ألوان الموقع

home

كلمة معالي الوزير باليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية

الرئيسية/ الاخبار / كلمة معالي الوزير باليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية

شارك

الخميس, أيار 19, 2011
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

التنوع الثقافي في الأردن

إن شعوب العالم وأممه تستمد هويتها الوطنية والقومية من إسهامات أبنائها عبر عصور ومراحل التاريخ المتعاقبة، ومن إنجازاتها الثقافية والحضارية، ولطالما احتفت الشعوب بتراثها الحي، الذي يمثل شواهد ماثلة على مرور الزمن في وجدان أبنائها، وفوق ترابها، مما أسهم به الأسلاف في إرساء ثقافتها الوطنية الخاصة والقومية، و في بناء الحضارة الإنسانية وتطورها، ومن ثم استلهامها واستلهام كل ما هو مشرق ونبيل من إسهامات الشعوب والأمم الأخرى.

 فالتجربة الإنسانية والنتاج الثقافي والحضاري لم تكن حكرا على شعب أو أمة بذاتها أو جيل دون آخر، وإنما هي ملك للإنسانية جمعاء، يستفيد منها الجميع دون استثناء بقدر تفاعله وتواصله معها. وتبعا لهذا فكل جيل من الأجيال معني ومكلف بتعميق هويته بالتفاعل والتواصل مع إنجازات أسلافه، وذلك بالتعرف عليها، وصيانتها، بما يعين الأبناء والأحفاد على الوعي بها وتمثلها، والنهل منها عطاءً موصولا.

والأردن، هذا البلد العربي المسلم الصغير بحجمه، الكبير بعطائه، شأنه شأن شعوب الأمم الأخرى، له مقوماته الفريدة، وتراثه الحي الخالد، وإسهاماته الثقافية والحضارية المميزة بعيدة المدى في تشكيل المشهد الإنساني الوضاء، وكلها تشهد بما أبدعه إنسان هذه الأرض، وما استلهمه من غيره، أو استطاع أن يحفز الآخرين على التعاون فيه، كل هذا يعتبر تراثاً أردنياً قومياً إنسانياً غنياً بمفهوم الإبداع ورعاية المبدعين، والتعاون البناء.

يتميز الأردن بالتنوع الثقافي، وهذا التنوع يعود إلى عمق التاريخ الإنساني، وإلى الإرث الحضاري والثقافي الذي يتمتع به الأردن، و يمتد إلى آلاف السنين الغابرة، حيث يعود إلى بداية الاستيطان البشري على الأرض الأردنية منذ العصور الحجرية، مرورا بالعصور النحاسية والبرونزية والحديدية، واستمرت أهمية الأردن حضارياً وثقافياً عبر عصور الإسلام المتعاقبة وصولا إلى تأسيس الإمارة الأردنية عام 1921، لتدخل مرحلة جديدة في الحداثة والمعاصرة.

وبعد تأسيس إمارة شرق الأردن بدأت تتشكل نواة الدولة الأردنية، هذه التي كان أساسها التنوع الثقافي، إذ ساهمت جميع القوميات التي تعيش على الأرض الأردنية : العرب، والشركس، والشيشان، والأكراد، والأرمن .. في إرساء بناء الدولة الأردنية المعاصرة، وفي بناء الشخصية الوطنية الأردنية.

لقد انصهرت هذه القوميات في بوتقة المجتمع الأردني، وشكل الجميع كتلة وطنية موحدة ومتماسكة. وقد شكل هذا التنوع الثقافي للقوميات لوحة أردنية فسيفسائية رائعة، عكست واقعية المجتمع الأردني. فقد احتفظت كل قومية بخصائص ثقافتها القومية وسماتها من حيث : اللغة، والدين، والعادات والتقاليد، والفلكلور، والفنون، واللباس، والطعام، والطقوس الدينية والاجتماعية .. وغيرها، وممارستها بكل حرية، سواء في إطار مجتمعها القومي المحدود أو في إطار المجتمع الأردني بشكل عام.

هذا الامتزاج المتناغم المبني على قاعدة قبول الآخر واحترامه شكّل المجتمع والدولة الأردنية المعاصرة بكافة الجوانب : السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والثقافية .. وشارك الجميع في تدعيم أركان المجتمع والدولة استناداً إلى قاعدة (الوطن للجيمع والجميع للوطن ).

إن المجتمع الأردني يتميز بخصوبة تنوعه الثقافي، وهذا التنوع لا يقتصر فقط على التنوع الثقافي للعرقيات القومية غير العربية التي تعيش في الوطن الأردني، وإنما يشمل التنوع الثقافي العربي خاصة من بلاد الشام : سوريا ولبنان وفلسطين، يضاف إلى ذلك التنوع بين مجتمع البادية، والريف، والمدينة، ويمكن ملاحظة التنوع الظاهر بين قرية وأخرى، ومدينة وأخرى، أحياناً من حيث اللهجة، وأحيانا أخرى من حيث اللباس، والطعام، وبعض الطقوس الاجتماعية ..   

التنوع الثقافي في الدستور الأردني :

انطلاقا من روح الدين الإسلامي، ومبادئه الداعية إلى التسامح والتراحم والتعاون والتواصل وقبول الآخر، واحترام تعدد وتنوع الثقافات، التي تعتبر سنة من سنن الكون، ونظاما إنسانيا استنادا لقوله سبحانه وتعالى " وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿118 إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ"/هود،118، 119/. فإن اختلاف الأمم وتنوع ثقافاتهم وتمايزهم لا تتعارض مع الإسلام، بمعنى أن الإسلام كثقافة وحضارة يقبل الآخر بثقافته وخصوصيته، ولا يعمل على إقصائه ونفيه. وقوله سبحانه : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿13 /الحجرات،. وانطلاقا من الاعتراف بتعدد الأديان والمعتقدات لقولة تعالى " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً"/المائدة،48/، وقوله " وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ﴿99"/يونس،. فالإسلام يرى في تعدد الشرائع والعقائد أمرا طبيعيا، يتماشي مع سنن الكون التي تشكلت بإرادته سبحانه. وهذا التعدد في الوقت نفسه يعنى الإقرار بمبدأ التنوع الثقافي البشري.

وانطلاقا من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد جاء الدستور الأردني منسجما مع مبادئ الحرية والعدالة واحترام التعددية والتنوع الثقافي، حيث نصت المادة (6) منه على :

1-   الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.

2-   تكفل الدولة التعليم في حدود إمكانياتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.

أما المادة (7) فقد نصت على أن " الحرية الشخصية مصانة ". بينما المادة (14) من الدستور جاء في نصها " تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة، ما لم تكن مخلة بالنظام العام ومنافية للآداب ".

          هذه المواد الدستورية الثلاث حفظت وكفلت حقوق كافة مكونات المجتمع الأردني، سواء كانت هذه الحقوق سياسية أو مدنية، وفوق هذا فإن الدولة الأردنية مكلفة بحماية هذا التنوع وصيانته كما جاء في نص المادة (14). وهذا الأمر إنما ينطلق من الإيمان العميق بأن التنوع الثقافي يخلق عالماً غنياً ومتنوعاً يتسع في نطاق الخيارات المتاحة، وتتعزز فيه الطاقات البشرية والقيم الإنسانية، وأنه يشكل ركيزة أساس للتنمية المستدامة.

          كما أن الدستور الأردني وانطلاقا من تأكيده على أن حرية التفكير والتعبير والإعلام، وتنوع وسائله يكفلان ازدهار أشكال التعبير الثقافي داخل المجتمعات، فقد كفل لكل مواطن أردني حقه في الرأي والتعبير بالصورة التي يراها مناسبة، فالإنسان بطبيعته يعبر عن ذاته بلغته، وديانته، وعاداته وتقاليده، وطعامه، ولباسه، وفلكلوره، وفنونه .. وهذه أساسيات التنوع الثقافي، وقد جاء في المادة (15/1) من الدستور الأردني " تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعبر بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون ".

          وكما كفل الدستور حرية الرأي والتعبير، كفل كذلك حق الاجتماع، وإعطاء الأردنيين الحق في تأسيس الأحزاب والجمعيات، فقد نصت المادة (16) على أنه :

1-   للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون.

2- للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة، ووسائلها سلمية، وذات نظم لا تخالف الدستور.

وهذه الحقوق هي أيضاً شكل من أشكال التعبير والتنوع الثقافي التي تُعد عاملاً مهماً في تمكين الأفراد والجماعات من التعبير عن أفكارهم وقيمهم وتشاطرها مع الآخرين. والمقصود بالجمعيات كما جاء في نص المادة السابقة الذكر ليست فقط الجمعيات السياسية، وإنما كذلك الجمعيات والهيئات الاجتماعية والثقافية التي تعنى بمختلف أشكال التنوع الثقافي : الآداب، والفلكلور، والدين، واللغة، والفنون وغيرها.

وإيمانا من أن التنوع اللغوي هو عنصر أساس من عناصر التنوع الثقافي، وأن دوره الذي يؤديه يسهم في حماية وتعزيز أشكال التعبير الثقافي، وأن ثقافة الأشخاص والجماعات المنتمية إلى الأقليات وثقافات الشعوب الأصيلة، متساوية في الكرامة والاحترام، فقد منح الدستور الأردني الجماعات العرقية المختلفة التي تعيش في الوطن الأردني الحق في تأسيس مدارسها، للحفاظ على خصوصياتها القومية وصيانة تنوعها الثقافي، فقد نصت المادة (19) على أنه " يحق للجماعات تأسيس مدارسها، والقيام عليها لتعليم أفرادها على أن تراعي الأحكام العامة المنصوص عليها في القانون، وتخضع لرقابة الحكومة في برامجها وتوجيهها".

أما في مجال القضاء، فقد منح الدستور الأردني الطوائف الدينية غير الإسلامية إقامة محاكم دينية خاصة بها، تفصل في قضايا الطوائف وفقا لشرائعها الدينية فقد ورد في نص المادة (104/2) على أن : المحاكم الدينية تنقسم إلى :

1-   المحاكم الشرعية.

2-   مجالس الطوائف الدينية الأخرى.

وأكدت المادة (108) على أن " مجالس الطوائف الدينية هي مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة التي اعترفت أو تعترف الحكومة بأنها مؤسسة في المملكة الأردنية الهاشمية "

مما سلف نجد أن الدستور الأردني قد عالج كافة الجوانب المتعلقة بمختلف مجالات التنوع الثقافي، ووضع الضوابط الدستورية الكفيلة بالمحافظة عليه وتعزيزه وتنميته. على اعتبار أن هذا التنوع يشكل تراثاً مجتمعياً مشتركاً ينبغي المحافظة عليه وتنميتة لفائدة الجميع.

اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي :

أقرت الاتفاقية في الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الذي عقد في باريس تشرين الأول/ أكتوبر 2005، تتمحور حول حماية التنوع الثقافي لمختلف الشعوب والجماعات وتوفير كافة الوسائل الكفيلة بحماية وتعزيز أشكال التعبير لديها، وقد صادق على هذه الاتفاقية عدد كبير من دول العالم في قاراته المختلفه، ومن بين هذه الدول المملكة الأردنية الهاشمية التي صادقت عليها في العام 2008.

وتأتي مصادقة المملكة الأردنية الهاشمية على هذه الاتفاقية، تأكيداً لقناعة هذا البلد بأهمية التنوع الثقافي وتعزيزه وتنميته لخدمة الأردن، الذي يعتبر أنموذجا في حماية نسيجه الوطني الذي يتشكل من تنوع ثقافي فسيفسائي لعدد كبير من ثقافات إنسانية وأعراق متعددة. وعمليا فقد كان الأردن وعلى أرض الواقع، سباقاً في تنفيذ متطلبات هذه الاتفاقية، وكما سبق وتمت الإشارة إليه، فإن التركيبة السياسية للدولة الأردنية المعاصرة، والتركيبة الاجتماعية للمجتمع الأردني قامتا أساساً على التنوع الثقافي.
 
 
 
 
 
 
‏17 ‏أيار, ‏2011
12:47:03 م
Print
كيف تقيم محتوى الصفحة؟

كيف تقيم محتوى الصفحة؟

استثمر في الأردن
المركز الوطني للأمن السيبراني